للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل لاحظت أمرًا آخر هو أنه سرعان ما يتنصل إذا ما اضطر إلى أن يورد في كتابه ما يخالف هذا التقسيم الثنائي. فهو يقول في باب جمع التكسير: "والتكسير في هذه الجموع بإزالتها عما كانت عليه آحادها على ثلاثة أضرب" لكنه عندما ينتهي من ذكر هذه الأقسام الثلاثة يقول: " … وهذه قسمة أبي عمر" (١).

هل التقسيم الثنائي عنده مجرد مصادفة؟ لا أظن بل أستبعد ذلك فالمصادفات لا تحدث إلا مرات قليلة ودون اعداد لها، هل تضطره طبيعة القواعد لذلك؟ وهذا بعيد أيضًا، فنحن نرى النحاة بعده يجدون في المسألة الواحدة احتمالات كثيرة ويفرعون كل احتمال إلى تفرعات أكثر. هل كان ذلك من تأثيرات المنطق فيه؟ لقد قيل أن أبا علي كان لا يميل له ويأخذ على الرماني تمسكه به (٢)، وأخيرًا هل كان ذلك بفعل تأثيرات مذهبية أو معتقدية؟ هذا أمر محتمل جدًا فلقد قيل عنه أنه يجمع بين التشيع والاعتزال وقد رأينا ورود بعض المصطلحات الاعتزالية في الكتاب (٣) ولكن إعطاء رأي حاسم في هذا الموضوع يتطلب دراسة شاملة لكل آثاره مع تتبع لهذه الثنائية يضاف إلى ذلك تتبع واسع لمعتقداته وهذا أمر ينأى بنا عن موضوع بحثنا.

[الاصطلاحات]

وأما عن الاصطلاحات التي وردت في كتابه، فهو يستعمل غالبًا تلك الاصطلاحات التي استعملها النحاة الذين سبقوه كسيبويه والمازنى من ذلك


(١) التكملة ٤٠٨.
(٢) نزهة الألباء ٣٠٩.
(٣) ورد اصطلاح "القديم" صفحة ٣٩٨، وجاء أيضًا في صفحة ٤١٩ قوله: "هذه الأسماء تجيء لما كان مخلوقًا لم يصنعه الناس".

<<  <   >  >>