للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الكسوف، ولم يكن عند العاقل الأول إحاطة بأنه وقع أو لم يقع" (١).

فالجزئي إنما كان جزئيًّا لأن تصوره مانع من وقوع الشركة فيه سواء، وإذا لم يمكن ذلك فليس بجزئي وإنما هو كلي.

قال شيخ الإسلام : "ففي الجملة؛ الجزئي لا يكون جزئيًّا إلا إذا انحصر شخصه ومنع تصوره من وقوع الشركة فيه. . . فلا يعلم على وجهه إن لم يعلم وقته المعين، وحينئذ فيكون العلم به قبل وقته وإلا فإذا علم أنه متى حصل كذا على وجه كذا حصل الكسوف فهذا كلي وإن علم أنه لا بد أن يحصل فإنه كلي من حيث الزمان فإن تصوره لا يمنع اشتراك الأزمنة فيه فلم يعلم إلا على وجه كلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه" (٢).

ولما كان الأمر كذلك - أن مآل القولين واحد على التحقيق -؛ فسأسوق شبههما مساقًا واحدًا، إذ الشبه الحاملة لهم على ذلك واحدة، فقد استدلوا لمقالتهم بشبه باطلة منها:

أولًا: أنه لو تعلق علم الله تعالى بالجزئيات للزمه التغير والتجدد بتغير المعلوم وتجدده، فيلزم من ذلك التغير الكثرة في ذات الله تعالى، وهو الواحد الأحد.

قال ابن سينا: "فالواجب الوجود يجب ألا يكون علمه بالجزئيات علمًا زمانيًّا حتى يدخل فيه الآن والماضي والمستقبل، فيعرض لصفة ذاته أن تتغير، بل يجب أن يكون علمه بالجزئيات على الوجه المقدس العالي عن الزمان والدهر" (٣).


(١) المصدر السابق (٣/ ٢٨٧).
(٢) انظر: درء التعارض (١٠/ ١٦٣)، وانظر: (١٠/ ١٦٩) منه.
(٣) الإشارات والتنبيهات (٣/ ٢٩٥ - ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>