للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر على الحقيقة الخارجية (١).

وأما الأمر الثاني: وهو إخراجهم القدرة عن عمومها، وجعلهم بعض الموجودات خارجة عن قدرة الرب ومشيئته.

وهذا أصل متفق عليه عند كل المعتزلة، فقد اتفقوا على إخراج أفعال العباد عن قدرة الرب سبحانه ومشيئته، وجعلوا العباد هم المحدثين لها بقدرتهم وإرادتهم، وليس للقدرة والمشيئة الإلهية في ذلك مدخل.

قال القاضي عبد الجبار: "اتفق كل أهل العدل على أن أفعال العباد من تصرفهم وقيامهم وقعودهم حادثة من جهتهم، وأن الله ﷿ أقدرهم على ذلك، ولا فاعل لها ولا محدث سواهم، وأن من قال أن الله سبحانه خالقها ومحدثها؛ فقد عظم خطؤه، وأحالوا حدوث فعلٍ من فاعلَيْن" (٢).

وقال في بيان أن الله لم يشأ ما وقع من العباد من المعاصي: "فصل في أنه تعالى يريد جميع ما أمر به ورغَّب فيه من العبادات، ولا يريد شيئًا من القبائح بل يكرهها" (٣)، وذلك أن إرادة القبائح قبيحة، والله منزه عن القبيح؛ فوجب ألا يشاءه (٤).

وحكى البغدادي اتفاق المعتزلة على أن الله سبحانه لم يشأ ما لم يأمر به، وما لم ينه عنه من أفعال العباد (٥).


(١) الرد على المنطقيين (١٠٧).
(٢) المغني في أبواب التوحيد والعدل (٨/ ٣).
(٣) المصدر السابق (٦/ ٢١٨).
(٤) المصدر السابق (٦/ ٢٢٠).
(٥) انظر: الفرق بين الفرق (١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>