للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان بعد البلوغ إذا ميز (١).

وقد حكى ابن عبد البر هذا القول عن طائفة من أهل الفقه والنظر دون تسمية، ورجحه على غيره من الأقوال، واختاره كذلك: الطحاوي (٢)، والقرطبي (٣).

ومن الأدلة عليه:

أولًا: قوله : (كما تُنْتَج البهيمة بهيمة جمعاء؛ هل تحسون فيها من جدعاء؟) (٤)، قالوا: شبَّه قلوب بني آدم بالبهائم لأنها تولد كاملة الخلق ليس فيها نقصان ثم يطرأ عليها النقص بعد بقطع آذانها وأنوفها.

ويدل على ذلك المعنى اللغوي، فالفطرة السلامة والاستقامة، والحنيف في كلام العرب المستقيم السالم.

ثانيًا: أنه لو كان الأطفال قد فطروا على شيء على الكفر أو الإيمان في ابتداء أمرهم ما انتقلوا عنه أبدًا، والمشاهد بخلاف ذلك.

ثالثًا: أن الله قد أخبر بأن الطفل يولد ولا معرفة له بشيء، كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨]، ومن كان كذلك استحال منه كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار.

رابعًا: أن الله قد أخبر أن الإنسان إنما يجزى بعمله كما قال:


(١) انظر: التمهيد (١٨/ ٦٨ - ٧١)، ودرء التعارض (٨/ ٤٤٢ - ٤٤٣)، وشفاء العليل (٢/ ٨١٥).
(٢) انظر: شرح مشكل الآثار (٤/ ١٧ - ١٩).
(٣) انظر: تفسير القرطبي (١٦/ ٤٢٧ - ٤٢٨).
(٤) تقدم تخريجه ص (٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>