للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٦]، وقال: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨]، وإنما يكون ذلك إذا بلغ، لذا فقد أجمعوا على دفع القود والقصاص والحدود والآثام عنهم في دار الدنيا، وإذا تعلق الأمر بالبلوغ امتنع أن يكون الكفر والإيمان حاصل قبله.

خامسًا: أن الإسلام والإيمان: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، وهذا معدوم من الطفل، فهذا يدفع كون المراد بالفطرة: الإسلام (١).

سادسًا: لو كانت الفطرة هنا الإسلام لوجب أن يحكم للطفل إذا ولد من بين أبوين كافرين بحكم الإسلام ما دام طفلًا، فلا يرثهما ولا يرثانه، ولوجب ألا يصح استرقاقه ونحو ذلك (٢).

والجواب عن هذا القول أن يقال: القول بأن: "كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة، أي خلقة مخالفة لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفة ذلك".

إن أُريد بالفطرة فيه مجرد التمكن من المعرفة والقدرة عليها من غير إرادة لها فهذا ضعيف من وجهين:

الأول: أن مجرد القدرة على ذلك لا يقتضي أن يكون حنيفًا، ولا أن يكون على الملة، ولا يحتاج أن يذكر تغيير أبويه لفطرته حين يُسأل عمن مات صغيرًا.

الثاني: أن النبي علل النهي عن قتل أولاد المشركين بكونهم على الفطرة، فإذا كانت الفطرة هي مجرد القدرة، والقدرة في الكبير أكمل منها في


(١) انظر: التمهيد (١٨/ ٧٧).
(٢) انظر: درء التعارض (٨/ ٣٥٩ - ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>