للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما روى الخلال عن بقية قال: سألت الزبيدي والأوزاعي عن الجبر، فقال الزبيدي: "أمر الله أعظم وقدرته أعظم من أن يجبر أو يعضل، ولكن يقضي ويقدر ويخلق ويجبل عبده على ما أحبه".

وقال الأوزاعي: "ما أعرف للجبر أصلًا من القرآن ولا السنة، فأهاب أن أقول ذلك، ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل، فهذا يعرف في القرآن والحديث عن رسول الله ، إنما وصفت هذا مخافة أن يرتاب رجل من أهل الجماعة والتصديق (١) " (٢).

فالزبيدي نفى الجبر بناء على المشهور من معناه وهو الإكراه، وأما الأوزاعي فلم يثبته ولم ينفه، بل منع من إطلاقه وعدل عنه إلى ما ذَكر، ولهذا كان جواب الأوزاعي أقوم من جواب الزبيدي، مع كون جوابيهما من أحسن الأجوبة (٣).

وروى الخلال كذلك (٤) عن أبي بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد الله: رجل يقول: إن الله جبر العباد؟ فقال: "هكذا لا تقول" وأنكر هذا، وقال: "يضل من يشاء ويهدي من يشاء".

وروى أيضًا عنه (٥) قال: "سمعت بعض المشيخة تقول: سمعت


(١) العبارة في كتاب السنة: "وإنما وضعت كلاهما مذكورة هذا مخافة أن يرتاب رجل من الجماعة والتصديق"! وتصويبها من شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة.
(٢) السنة (٣/ ٥٥٥) رقم (٩٣٢)، ورواه أيضًا: اللالكائي (٤/ ٧٧٥) رقم (١٣٠٠).
(٣) انظر: درء التعارض (١/ ٦٩)، ومنهاج السنة (٣/ ٢٤٦).
(٤) السنة (٣/ ٥٥٠) رقم (٩٢٠).
(٥) المصدر السابق (٣/ ٥٥٣) رقم (٩٢٩)، وقد بوَّب الخلال لهذه الآثار وغيرها: "الرد على القدرية وقولهم إن الله جبر العباد على المعاصي".

<<  <  ج: ص:  >  >>