للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن بن مهدي يقول: أنكره سفيان الثووي: جبر، وقال: الله ﷿ جبل العباد قال أبو بكر المروذي: "أظنه أراد قول النبي لأشج عبد القيس" (١).

وعدول الأئمة إلى لفظ (الجبل) له ثلاثة أسباب:

الأول: شرعيته، فالجبل لفظ جاء به النص، كما في حديث أشجّ عبد القيس المتقدم.

الثاني: سلامته من الاشتباه والإجمال، فالمعاني التي يدور عليها هذا اللفظ كلها يصح إضافتها إلى الله .

الثالث: شموله للمعنى الدال على المراد، وهو أن الله ﷿ يخلق إرادات عباده للخير والشر، ويطبعهم على ذلك، ويجعلهم فاعلين مريدين لما يشاؤه منهم.

وهذا الباب له ارتباط وثيق بباب الهدى والإضلال، فالله يخلق الهدى في قلب عبده المؤمن وييسره لليسرى، ويخلق الضلال في قلب الفاجر، وييسره للعسرى.

ولهذا عدل الإمام كما تقدم - عن لفظ الجبر إلى قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النحل: ٩٣].

وقال زيد بن أسلم في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]: "ما جبلوا عليه من شقوة وسعادة" (٢).


(١) تقدم تخريجه ص (٣٣٥).
(٢) رواه الفريابي في القدر (٩٠) رقم (١٠٥)، وابن جرير (٢١/ ٥٥٤)، وابن بطة (٢/ ٢٢٢) رقم (١٨٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>