للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صائلًا بضربه والإضرار به، لأنه ضرر من جهة المضرور به.

وهذا الشرط يمكن دخوله فيما تقدم، إذ المدفوع مستحق لأن يدفع ضره.

٤) أن يكون الضرر من جهة غير فاعل الضرر، فلو أن الله سبحانه أمات صبيًا ألقي به في النار لا يكون ظالمًا له، لأن هذه الإماتة كأنها في هذا الحكم من غير جهة الله سبحانه.

وعرَّفه القاضي عبد الجبَّار أيضًا مقابلًا له بضده: "وقد عُلم أن الظلم هو ما يفعله بغيره من المضار القبيحة، فيجب أن يكون العدل ما يفعله الفاعل بغيره من المضار الحسنة وما يجري مجراها" (١).

ولا فرق في هذا بين أن يكون النفع ودفع الضر ظنيًّا أو معلومًا (٢).

وهذا المعنى هو المقصود في حق الله عندهم، فالقاضي يعرف العدل في حق الله فيقول: "ونحن إذا وصفنا القديم تعالى بأنه عدل حكيم؛ فالمراد به أنه لا يفعل القبيح ولا يختاره، ولا يخل بما هو واجب عليه، وأن أفعاله كلها حسنة" (٣).

وقال أيضًا: "وأما في الاصطلاح، فإذا قيل إنه تعالى عدل؛ فالمراد به أن أفعاله كلها حسنة، وأنه لا يفعل القبيح، ولا يخلُّ بما هو واجب عليه" (٤).

وقولهم ما يفعله الفاعل بغيره مبني على قولهم في الحكمة وأنها راجعة إلى المخلوق ولا يعود لله منها وصف، إذ ما يفعله الفاعل بنفسه لا يوصف بكونه


(١) المغني للقاضي عبد الجبار (٦/ ٥٠).
(٢) انظر: شرح الأصول الخمسة (٣٤٥ - ٣٤٦).
(٣) المصدر السابق (٣٠١).
(٤) المصدر السابق (١٣٢)، وانظر: (١٣٣) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>