للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدى، ومنع وأعطى، وهذه الحكمة هي الغاية والفعل وسيلة إليها" (١).

أما ملازمتها لأفعال الله وعدم خلوها منها؛ فلأنها - كما سيأتي - من الصفات الذاتية التي لم يزل الله ولا يزال متصفًا بها، فخلو فعل من أفعاله منها نقص في ذاته ينزه عنه.

وهذا شامل للشرع والقدر كما تقدم، وشامل أيضًا للدارين (٢).

ويقال أيضًا: قد ثبت أن الله عالم مريد، وهذا من لوازم ذاته ، والحكمة لازمة للعلم وللإرادة، أما لزومها للإرادة: فلأنه لا إرادة بدون حكمة - كما سيأتي قريبًا -، وأما لزومها للعلم: فلأن العلم موجب لترك القبيح لما فيه من القبح، وفعل الحسن لما فيه من الحسن، وهذه هي حقيقة الحكمة، وخلاف ذلك بفعل القبيح وترك الحسن جهل ينزه الله عنه.

فإذا ثبت كون الحكمة لازمة للعلم والإرادة، وهما لازمان للذَّات الإلهية؛ فالحكمة لازمة لها أيضًا (٣).

وأما كونها المرجح للفعل أو الترك؛ فلأن الإرادة والقدرة بمجردهما لا يخصصان معينًا على معين، لأن نسبتهما إلى جميع المتماثلات سواء، فلا بد من مرجح للفعل، وهذا المرجح لا يكون إلا الحكمة (٤).

ووجوب أن يكون هذا المرجح هو الحكمة هو لأن الفاعل المريد إنما


(١) طريق الهجرتين (١/ ١٩٣).
(٢) انظر: الداء والدواء (٣٥).
(٣) انظر: النبوات (٢/ ٩٢٤).
(٤) انظر: درء التعارض (٤/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>