للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا فعل حاصل بإرادة مجردة عن الحكمة، فإن هذا غير معقول - ولو عُقل لكان سفهًا وعبثًا - (١)، ولا حكمة حاصلة بدون إرادة، إذ لا فعل حينئذ، والفعل هو مُظهر الحكمة.

وقد دلت الأدلة - كما تقدم - على أنه يفعل لأجل هذه الحكمة، فدل على أنها هي المرجح، لأنها محبوبة له ﷿، والمحبة هي الغاية والحكمة العليا التي لأجلها كان كل شيء (٢).

وأما كونها مطلوبة بفعله ؛ فمعناه أنها لم تقع اتفاقًا، كما لو رمى رجل حجرًا من نافذة فأصاب أفعى في الطريق يتضرر بها الناس فقتلها.

وليست تبعًا للفعل؛ حصلت عقيبه حصولًا مجردًا عن إرادة الفاعل، بل هي مرادة للفاعل مقصودة له.

وذلك أن الحكمة إنما تتصور في حق من عمل شيئًا لشيء يريد بفعله الحكمة الناشئة عن فعله، وأما من لم يفعل شيئًا لشيء فلا يتصور في حقه الحكمة (٣).

والقول بنفي قصد الله للحكمة يلزم منه وصفه بالنقص، فإن من فعل فعلًا ليس وجه الخير فيه هو مراده، وليس وجه الشر أيضًا هو مراده؛ فليس وصفه بالخير أقرب من وصفه بالشر، ومن كان هذا حاله هو للنقص أقرب منه للكمال، لأن أفعاله أشبهت أفعال الأطفال والسفهاء والمجانين، بل هي أنقص منها؛ لأن أفعال هؤلاء لم تخل من موافقة شهوة لهم؛


(١) انظر: النبوات (٢/ ٩٢٥).
(٢) انظر ما يأتي ص (٤٤٢).
(٣) انظر: طريق الهجرتين (١/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>