للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعل الله لأجلها نوعان (١):

- حكمة تعود إليه ﷿، يحبها ويرضاها.

- حكمة تعود إلى المخلوقين، يفرحون ويلتذون بها.

وهذا شامل للأمور الشرعية والكونية.

فأما الحكمة التي تعود إليه ﷿ فالكلام فيها مبني على مسألة عظيمة من مسائل الصفات، وهي أن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل، وقد سبق الكلام عليها فيما مضى (٢)، والمقصود منها هنا أن الله ﷿ متصف بالحكمة، فالحكمة وصفه، ويفعل لحكمة، فقيام الحكمة به يقتضي أن يعود إليه حكمها، وهذا واضح جدًا، ونفي حكمها في الحقيقة نفي لأصلها، ومجموع ذلك نفي لاستحقاقه الحمد، ونفي لاتصافه بالكمال، فيلزم من أثبت له الحكمة أن يثبت أنه ﷿ يعود إليه حكمة من أفعاله.

فإنه لا يعقل في الحكيم إلا الذي يفعل لحكمة تعود إليه، بل لا يعقل أن يفعل المختار فعلًا بدون حكمة تعود إليه، أو أن تكون الحكمة وعدمها بالنسبة إليه سواء، ولو تصور وجوده؛ فهو سفيه عابث ليس بحكيم (٣).

إذا تقرر هذا فما هي الحكم التي تعود إليه ﷿ من أفعاله؟

الحكمة التي تعود إليه سبحانه هي في الحقيقة صفات من جملة صفاته التي تقوم به.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٥ - ٣٧).
(٢) انظر ما تقدم ص (٣٩٠ - ٣٩١).
(٣) انظر: منهاج السنة (٣/ ١٩٢ - ١٩٣ و ١٩٤)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٨٩ - ٩٠ و ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>