للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه من محبته ورحمته وإحسانه وكرمه وسائر الحكم التي هي صفاته كما تقدم، فهذه الصفات تطلب أثرها وتقتضيه، وهذا الأثر هو الحِكم التي تعود على المخلوقين من حصول منافعهم وتحقق مصالحهم، ودفع الشرور عنهم.

ولهذا كانت الأمور العامة التي يفعلها الله لحكمة عامة، ورحمة عامة (١)، وهذه الحكمة العامة لا يلزم تحققها في كل معين، بل قد تتضمن هذه الحكم ضررًا لبعض المخلوقات، ومثال ذلك إرسال الرسل فإن فيه من الحكم والمصالح العامة ودفع الشرور ما لا يحيط به إلا الله ، ومع هذا فقد تضمنت شرورًا بالنسبة لبعض المخلوقين، كفرعون وأبي جهل وأمثالهم، فلا يلزم تحقق هذه المصالح في كل معين.

وهذه الشرور مغمورة في جانب المصالح الحاصلة، ثم هي ليست شرورًا محضة بل هي مشتملة على حكم وغايات، هي باعتبارها خير ومصلحة (٢).

المسألة السادسة: حكمته كسائر صفاته لا يحيط بها الخلق.

من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله، وأن الله ﷿ لا يحيط عبادُه به علمًا، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠]، فالطمع مقطوع من الإحاطة بصفاته لا من جهة أصل المعنى -، ومن ذلك الحكمة، فلا يمكن أحدًا من الخلق أن يدرك تفاصيل حكمة الله في خلقه وأمره، وما اطلعنا عليه من تفاصيل هذه الحكمة سواء بالوحي أو بغيره لا يساوي شيئًا في


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٩٣).
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/ ٩٣ - ٩٤)، ومنهاج السنة (١/ ٤٦٢ - ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>