للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جانب ما لم نطلع عليه.

ومما يبين ذلك؛ أن الحكمة - كما تقدم - مبناها على أمرين: علم بدقائق الأمور، وعمل بمقتضى ذلك العلم.

والإحاطة بعلم الله مما أخبر الله ورسوله بانتفائه، بل هو مما يُعلم اضطرارًا، لذا فقد ربط العلامة ابن القيم بين انتفاء الإحاطة بتفاصيل الحكمة في كل شيء، وبين انتفاء الإحاطة بعلمه فقال: "ولو ذهبنا نذكر ما يطلع عليه أمثالنا من حكمة الله في خلقه وأمره لزاد ذلك على عشرة آلاف موضع، مع قصور أذهاننا ونقص عقولنا ومعارفنا وتلاشيها، وتلاشي علوم الخلائق جميعهم في علم الله كتلاشي ضوء السراج في عين الشمس، وهذا تقريب وإلا فالأمر فوق ذلك" (١).

ويكفي الإنسان فيما لم يدرك تفاصيله الإيمان المجمل بحكمة الله وأنه لا يخلو منها شيء من الشرع ولا القدر، ويستدل على ما خفي منها بما ظهر.

قال ابن القيم : "وما يخفى على العباد من معاني حكمته في صنعه وإبداعه وأمره وشرعه؛ فيكفيهم فيه معرفته بالوجه العام؛ أن تضمَّنَتَه حكمة بالغة - وإن لم يعرفوا تفصيلها - وأن ذلك من علم الغيب الذي استأثر الله به، فيكفيهم في ذلك الإسناد إلى الحكمة البالغة العامة الشاملة، التي علموا ما خفي منها بما ظهر لهم" (٢).


(١) شفاء العليل (٢/ ٥٧٣).
(٢) مفتاح دار السعادة (٢/ ٣١٦)، وانظر: مجموع الفتاوى (٦/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>