للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعرفة الحكم والغايات في شرع الله وقدره من أعظم ما يزيد اليقين والإيمان، لذا فقد أمر الله بالتفكر والتدبر في آياته الكونية والشرعية وما تضمنته من حكم وغايات، قال ﷿: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: ٢٩]، وقال ﷿: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٥].

المسألة السابعة: ترتبط بالحكمة عدة مسائل في باب القدر، ومنها: مسألة التحسين والتقبيح، ومسألة خلق الأفعال، ومسألة الهداية والإضلال، ومسألة الأسباب، ومسألة الاستطاعة، ومسألة تكليف ما لا يطاق، ومسألة الرضا بالقدر، ومسألة دخول الشر في القضاء، وهذا بيان بعضها:

أما مسألة التحسين والتقبيح؛ فالكلام فيها كان فرعًا عن الكلام في الحكمة والتعليل (١)، وقد تباينت مذاهب الناس فيها تبعًا لتباينها في هذه المسألة.

والمقصود هنا بيان علاقة التحسين والتقبيح العقليين بمسألة الحكمة، فمن نفى الحكمة - وهم الجهمية والأشاعرة كما سيأتي -؛ نفى التحسين والتقبيح العقليين، وجعل معرفتهما سمعية فقط، ومن أثبتهما - وهم أكثر الناس من المسلمين وغيرهم -؛ أثبت التحسين والتقبيح العقليين.

وذلك أنه لا يمكن القول بالتعليل إلا بالقول بأن الأشياء متضمنة للحسن والقبح في ذاتها، وإلا فلو خلت الأشياء من صفات بها تحسن وتقبح لما أمكن تعليل فعلها، بل يكون فعلها راجعًا لمحض المشيئة.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>