للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسلسل في المؤثرين، يوضحه:

الرابع: أن التسلسل المذكور إما أن يكون التسلسل الممتنع، - وهو التسلسل في المؤثِّرين، وهو أن يكون مؤثرون كل واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى نهاية -، وإما أن يكون التسلسل الجائز - وهو التسلسل في الآثار -، فإن كان جائزًا بطل الإلزام من أصله، وإن كان ممتنعًا فهو مدفوع بانتهاء المرادات إلى مراد لنفسه فينقطع التسلسل.

الخامس: أن نفي الحكمة يستلزم نفي الإرادة، إذ لا يعقل من كون المريد مريدًا إلا لحكمة وغاية، وإذا انتفت الإرادة لزم أن يكون موجبًا بالذات وعلة تامة لمعلوله في الأزل، فيلزم قدم الحوادث المشهودة، وهذا بيِّن البطلان.

وأما الشبهة الثالثة فجوابها من وجوه أيضًا (١):

الأول: أنه لا يلزم من كون الفعل مقدورًا ممكنًا أن تكون الحكمة المقصودة بوجوده يمكن تحصيلها مع عدمه، إذ وجود الملزوم بدون لازمه محال.

الثاني: أن دعوى العبث في توسط أحد الأمرين مطلقًا باطلة، إذ توسط الشرط أو السبب أو المادة التي يحدث منها ما يحدثه ليس بعبث بل هو الحكمة.

الثالث: أن قولهم بأن العبث على الله محال يستلزم إثبات الحكمة، لأن العابث من يفعل لا لحكمة ولا لمصلحة.

الرابع: أن يقال: هذه الوسائط إما أن تكون معللة بحكم أخرى فيها مصلحة للفاعل أو للوسائط؛ فليس توسطها حينئذ عبثًا، وإما أن تكون غير معللة بل مرادة لذاتها، ولا مانع يمنع من هذا، ولا يلزم من انتفاء التعليل في


(١) انظر: شفاء العليل (٢/ ٥٩٣ - ٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>