للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمناه من شرور فهو مغمور في جانب هذه الحكمة (١).

وبعد تقريرهم هذا اختلفوا في جواز إطلاق خلق الإنسان لفعله على ثلاثة أقوال (٢):

الأول: المنع من إطلاق ذلك لنهي الشرع عنه، مع أن معنى فاعل وخالق واحد.

قال القاضي: "أما تسمية أفعالنا بأنها مخلوقة؛ فغير جائزة على الإطلاق، وقد منع السمع من إطلاق لفظ الخالق في العبد، وإن كان من حيث اللغة لا يمتنع تسميته بذلك، وليس يمتنع أن يكون محدثًا" (٣).

الثاني: ضده، وهو جواز ذلك، لأن خالق معناه: مقدر، فمن وقع منه الخلق أطلق عليه خالق سواء كان قديمًا أو محدثًا.

الثالث: المنع لأن الخلق في الحقيقة هو الفعل لا بآلة ولا جارحة، والمخلوق يفعل بآلة وجارحة.

وأما القول الثاني وهو قول الجبرية، فقالت به طائفتان:


(١) وهذا التقرير عند المعتزلة هو للفعل المباشر، إذ الأفعال عندهم قسمان: أفعال مباشرة، وأفعال متولدة، ومثال الأفعال المتولدة: تدحرج الحجر الحادث عن رميه، والألم الحادث عند الضرب ونحو ذلك، وهذا القسم اختلفوا فيه فيما بينهم اختلافًا كثيرًا، ما بين قائل إنه لا محدث لها، وما بين قائل إنها طبعية، وجمهورهم على أنها قسمان: ما تولد من فعل الحي، فهذا فعله، وما تولد من فعل غير الحي ففيه خلاف بينهم. انظر: المعتزلة وأصولهم الخمسة (١٨٤ - ١٨٩).
(٢) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٢٩٨).
(٣) المحيط بالتكليف (١/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>