للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركين، والرمي المنفي هو إيصال الحصى إلى وجوه المشركين، فأضاف إليه ما هو مقدور له وفي محل قدرته وهو ابتداء الرمي، ونفى عنه ما لا يقدر عليه إلا هو، وهو إيصال الحصى إلى وجوه الكفار، ولو صح الاستدلال بهذه الآية لصح أن يقال: وما صليت إذ صليت ولكن الله صلى، وما أكلت إذ أكلت ولكن الله أكل ونحو ذلك مما يعلم بطلانه ضرورة.

فوجه الإشارة بالآية أنه سبحانه أقام أسبابًا ظاهرة كدفع المشركين، وتولى دفعهم وإهلاكهم بأسباب باطنة غير الأسباب التي تظهر للناس، فكان ما حصل من الهزيمة والقتل والنصرة مضافًا إليه (١).

وأما الدليل الخامس؛ فلا ريب في صحة دليل التمانع على إفراد الله سبحانه بالخلق والإيجاد (٢)، لكن ذلك لا يمنع من ثبوت تأثير لقدرة العبد واختياره كتأثير سائر الأسباب في مسبباتها، وهذا الدليل إنما يتوجه إذا قيل إن تأثير قدرة الله مكافئ لتأثير قدرة العبد، وهذا لا يقوله أحد (٣).

وأما الدليل السادس؛ فهو ثمرة الدليل الرابع، وهو تلبيس وتضليل، إذ القول باجتماع مؤثرين على أثر إن أريد به استقلال كل منهما بالتأثير فباطل، وإن أريد به أن لأحدهما تأثير بالإيجاد والخلق، وللآخر تأثير من جنس تأثير السبب في مسببه، فليس بباطل.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ١٨)، ومجموعة الرسائل والمسائل (١/ ٩٦)، ومدارج السالكين (٣/ ٤٢٦)، وشفاء العليل (١/ ٢١٧)، وزاد المعاد (٣/ ١٨٢ - ١٨٣)، وانظر كذلك: تفسير الطبري (١١/ ٨٢ - ٨٣)، وتفسير ابن كثير (٧/ ٤٠ - ٤٢).
(٢) انظر: درء التعارض (٩/ ٣٥٤)، وشفاء العليل (١/ ٤٣٧).
(٣) انظر: شفاء العليل (١/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>