للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدليل الرابع؛ فجوابه ما تقدم من الفرق بين التكليف الراجع إلى الاستطاعة السابقة والمقارنة؛ فالقاعد المكلف بالقيام حال القعود لم يكلف ما لا يطيق بهذا الاعتبار، وإن كان كلف ما لا يطيق باعتبار عدم الاستطاعة المقارنة، لكن لا يطلق عليه أنه كلف ما لا يطيق.

وأما الدليل الخامس؛ فهو خطأ؛ إذ أن أبا لهب لما نزلت فيه الآية كانت قد حقت عليه كلمة العذاب، كالكافر الذي عاين الملائكة في النزع، وكالأقوام المعذبة لما عاينت العذاب، فهؤلاء صاروا بعد استحقاق العذاب غير مخاطبين بأمر الرسل بالإيمان (١).

ولهذا فقد ضعف بعض الأشاعرة هذا الدليل، قال الإيجي: "وبه يعلم أن كثيرًا من أدلة أصحابنا مثل ما قالوه في إيمان أبي لهب؛ نصب للدليل في غير محل النزاع" (٢).

وذهبت المعتزلة إلى عدم جواز تكليف ما لا يطاق.

قال القاضي عبد الجبار: "لو كانت القدرة مقارنة لمقدورها؛ لوجب أن يكون تكليف الكافر بالإيمان تكليفًا بما لا يطاق، إذ لو أطاقه لوقع منه، فلما لم يقع منه دل على أنه غير قادر عليه، وتكليف ما لا يطاق قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح" (٣).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٣٢١) و (٨/ ٣٠٢).
(٢) المواقف (٣٣١).
(٣) شرح الأصول الخمسة (٣٩٦)، وانظر: المختصر في أصول الدين له (ضمن رسائل العدل والتوحيد) (١/ ٢٤٨ و ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>