للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الأشعري اتفاقهم على ذلك فقال: "وأنكروا بأجمعهم أن يكلف الله عبدًا ما لا يقدر عليه" (١).

ومن أدلتهم:

الأول: ما جاء من نصوص تدل بمنطوقها على أن الله لا يكلف أحدًا ما لا يطاق، كقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقوله تعالى: ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [الأنعام: ١٥٢]، وقوله تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] (٢).

الثاني: أن تكليف ما لا يطاق قبيح، والله سبحانه لا يفعل القبيح (٣).

الثالث: أن القدرة سابقة على مقدورها صالحة للضدين، غير مقارنة له، فالكافر المكلف بالإيمان قادر عليه، فلم يكلف ما لا يطيق (٤).

فالمعتزلة أصابوا في نفي تكليف ما لا يطاق في حق مَن عدِم الاستطاعة المتقدمة، وأخطؤوا فيما عدا ذلك.

والجواب عما استدلوا به:

أما الدليل الأول؛ فدلالة ما ذكروه من الآيات على أن الله لا يكلف العباد ما لم يطيقوه صحيحة، إذ المراد بها عندهم الطاقة المتقدمة على الفعل - إذ لا معنى للقدرة عندهم غير المتقدمة -، لكن هذا القدر لا ينفي أن يكون التارك غير مطيق للفعل حال تركه لانشغاله بضده، وإن كان إطلاق تكليف ما لا


(١) مقالات الإسلاميين (١/ ٣٠٠).
(٢) انظر: المختصر في أصول الدين (ضمن رسائل العدل والتوحيد) (١/ ٢٤٩).
(٣) انظر: شرح الأصول الخمسة (٤٩٦).
(٤) انظر: المصدر السابق (٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>