للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاته مانع أو كاره لصدور الكل عنه. . . فالأول راض بفيضان الكل عنه" (١).

فالفلاسفة يرون أن علم الله سبحانه سبب الموجودات، ويرون أن علمه سبحانه بالأشياء كُلِّيٌّ لا يتغير، قال ابن سينا: "العلم في الأول غير مستفاد من الموجودات، بل من ذاته، فعلمه سبب لوجود الموجودات، فلا يجوز على علمه التغيير" (٢).

فبناء على علمه صدر عن ذاته العقل الأول، ثم عن العقل الأول العقل الثاني وهكذا، إلى أن وصلت السلسلة إلى العقل العاشر الذي هو الفعال (٣)، فصدور الأشياء كان على حسب نظام الكون الصادر عن ذاته، على حسب علمه بواسطة العقول إلى أن ينتهي إلى العقل العاشر الذي يدبر المخلوقات، فبناء على ذلك كان اقتضاء السبب لمسببه ضروري وإلا لزم القدح في علمه تعالى.

قال ابن سينا: "وقد بان لنا فيما سلف أن العقول المفارقة كثيرة العدد، فليست إذن موجودة معًا عن الأول، بل يجب أن يكون أعلاها هو الموجود الأول عنه، ثم يتلوه عقل وعقل. . . وكذلك الحال في عقل عقل وفلك فلك، حتى ينتهي إلى العقل الفعال الذي يدبر أنفسنا" (٤).

فعند الفلاسفة أن مدبرنا هو العقل الفعال لا الرب سبحانه، بل يزيد الفارابي على ذلك بأن يزعم أن العقل الفعال هو جبريل فيقول:


(١) النجاة (٢/ ١٣٢).
(٢) التعليقات (١١٦).
(٣) انظر: آراء أهل المدينة الفاضلة (٦١ - ٦٢).
(٤) النجاة (١٣٦ - ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>