للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان أن قدرة العبد ومشيئته لا تعدو كونها جزءًا من أجزاء السبب الذي يخلق الرب سبحانه به فعل العبد.

إلا أنهم اختلفوا بعد ذلك في الفعل المتولد، بناء على اختلافهم في فاعله، فمن أثبت التوليد وهم جمهور المعتزلة؛ ألحقه بالفعل المباشر، وجعل مشيئة العبد وقدرته موجبة له وعلة تامة فيه، ومن نفى التوليد نفى ذلك.

قال الأشعري : "واختلفوا [أي المعتزلة] في السبب، هل هو موجب للمسبب أم لا على مقالتين: فقال أكثر المعتزلة المثبتين للتولد: الأسباب موجبة لمسبباتها.

وقال الجبائي: السبب لا يجوز أن يكون موجبًا للمسبب، وليس الموجب للشيء إلا من فعله وأوجده" (١).

وذهب الأشاعرة إلى إنكار تأثير الأسباب، ونفوا أن يكون للأشياء في نفسها قوى وطبائع تؤثر في مسبباتها، وقالوا بأن العلاقة بين السبب والمسبب علاقة اقتران عادي، أي أن الله سبحانه أجرى العادة أن يوجد المسبب عند وجود سببه لا به.

وقد قرر هذا الباقلاني ومما قاله: "فأما ما يهذون به كثيرًا من أنهم يعلمون حسًّا واضطرارًا أن الإحراق والإسكار الحادثين واقعان عن حرارة النار وشدة الشراب؛ فإنه جهل عظيم" (٢).

وقال الغزالي في مناقشة قول الفلاسفة بالطبع: "فما الدليل على أنها [أي


(١) مقالات الإسلاميين (٢/ ٩٧).
(٢) التمهيد (٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>