للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجودها وعدمها بالنسبة للتأثير سواء، وإيجاده جل وعلا الممكن مع ممكن يقارنه كإيجاده له تعالى منفردًا بدون مقارنة ممكن آخر" (١).

وقال البيجوري: "ومنها يعلم بطلان دعوى أن شيئًا يؤثر بطبعه أو بقوة فيه، فمن اعتقد أن الأسباب العادية كالنار والسكين والأكل والشرب تؤثر في مسبباتها كالحرق والقطع والشبع والري بطبعها وذاتها فهو كافر بالإجماع، أو بقوة خلقها الله فيها ففي كفره قولان، والأصح أنه ليس بكافر بل فاسق مبتدع. . . ومن اعتقد أن المؤثر هو الله، لكن جعل بين الأسباب ومسبباتها تلازمًا عقليًّا بحيث لا يصح تخلفها فهو جاهل، وربما جره ذلك إلى الكفر. . . ومن اعتقد أن المؤثر هو الله وجعل بين الأسباب والمسببات تلازمًا عاديًّا بحيث يصح تخلفها فهو المؤمن الناجي إن شاء الله تعالى" (٢).

وهذا عندهم شامل للأسباب القدرية والشرعية، قال الجرجاني: "وأما الثواب والعقاب المترتبان على الأفعال الاختيارية؛ فكسائر العاديات المترتبة على أسبابها بطريق العادة من غير لزوم عقلي واتجاه سؤال" (٣).

وقد ترتب على إنكار الأشاعرة لتأثير الأسباب مسائل منها:

الأولى: نفيهم تأثير قدرة العبد ومشيئته في الفعل، وقد تقدم ذلك.

الثانية: نفيهم للحكمة، وزعمهم أن الله يفعل لمحض الإرداة وصرف المشيئة، يعني نفي السببية في أفعال الله سبحانه.


(١) شرح السنوسية (١٣٧).
(٢) تحفة المريد (١٦٧).
(٣) شرح المواقف (٨/ ١٥٤ - ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>