للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المشركين.

وقوله سبحانه: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ يتضمن معنى التهديد والوعيد لهم، قال السعدي : "أي: البين الظاهر الذي يصل إلى القلوب، ولا يبقى لأحد على الله حجة، فإذا بلَّغتهم الرسل أمر ربهم ونهيه واحتجوا عليهم بالقدر؛ فليس للرسل من الأمر شيء، وإنما حسابهم على الله ﷿" (١).

وأما العقل، فمن وجوه كثيرة، منها:

أولها: أن العباد مأمورون منهيون، وقد علم بالضرورة أن الأمر والنهي إنما يتوجه لمن هو قادر على الضدين، ولولا هذا الإقدار لما خوطب بالتكليف، وإذا ثبت ذلك؛ فلا حجة في القدر على المعصية، لأنها والطاعة سواء في قدرة العبد، بل فالاحتجاج به بعد هذا ظلم محض، وعناد صرف (٢).

ثانيها: أن العبد قبل ركوب المعصية لا يعلم ما الذي سبق به القدر، فاحتمال سبق القدر بالمعصية حينئذ ليس أولى باحتمال سبْقه بالطاعة، والعكس بالعكس.

ثالثها: أنه يستلزم لوازم باطلة، منها:

١) أنه يستلزم طي بساط الشرع وإسقاط الأمر والنهي، إذ القدر حجة، وترك امتثال الأمر والنهي سبق به القدر، فيكون تركهما لا لوم فيه، وهذا من أبطل الباطل (٣).


(١) تفسير السعدي (٢/ ٨٨١).
(٢) انظر: المصدر السابق (١/ ٥٢١).
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٤٥ - ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>