٢) أنه يستلزم إبطال الثواب والعقاب والجنة والنار، إذ لا لوم على فعل المعصية لسبق القدر بها، والطاعة قرينتها في ذلك، فعلى ماذا يكون الثواب والعقاب؟
٣) أنه يستلزم إبطال الرسالة وإفحام الأنبياء، وإسقاط حجة الله ﷾ على عباده، لأن الرسل إذا أمروا أقوامهم بشرائع الإيمان إقامةً لحجة الله ﷿؛ حاججهم أقوامهم بهذه الحجة، فتصحيح هذه الحجة يستلزم إفحام الرسل بداهةً، بل يستلزم ما هو أعظم من ذلك وهو كون الرسالة عبثًا وسفهًا تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
٤) أنه يستلزم الفساد العام، إذ لو كان القدر حجة؛ لكان حجة للجميع، وليس لأحد دون أحد، وعليه يلزم تمكين كل أحد من فعل ما يريد ومعلوم ضرورةً أن في هذا فساد معايش العباد وأديانهم.
ومن هنا كان من يحتج بالقدر متناقضًا متبعًا لهواه، لأنه لو ظلمه أحد في مال أو عرض أو أي متاع حقير واحتج عليه بالقدر؛ لما قبل منه بل لشنع عليه وأبطل احتجاجه.
قال شيخ الإسلام ﵀: "وهؤلاء لا يحتجون بالقدر إلا إذا كانوا متبعين لأهوائهم بغير علم، ولا يطردون حجتهم، فإن القدر لو كان عذرا للخلق للزم أن لا يلام أحد ولا يذم ولا يعاقب لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا يقتص من ظالم أصلًا، بل يُمكن الناس أن يفعلوا ما يشتهون مطلقًا، ومعلوم أن هذا لا يتصور أن يقوم عليه مصلحة أحد لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل هو موجب الفساد العام وصاحب هذا لا يكون إلا ظالمًا متناقضًا، فإذا آذاه غيره أو ظلمه طلب معاقبته وجزاه ولم يعذره بالقدر، وإذا كان هو الظالم