للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبحه؛ لما كان لنفي التسوية بينهما معنى، وقس على ذلك فيما ذُكر (١).

السادس: ضربه سبحانه الأمثال لعباده على حسن توحيده وقبح الشرك به بأشياء يعلمون حسنها وقبحها بعقولهم، كما قال سبحانه: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾ [الزمر: ٢٩].

وقال ﷿: ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [الروم: ٢٨]، وقال : ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ [الحج: ٧٣] (٢).

فلو كان ما ضرب به المثل من الحسن والقبح متوقفًا على تحسين الشرع وتقبيحه لكان هذا استدلالًا بموضع النزاع، فكأنه قال لهم: أضرب لكم مثلًا على حسن التوحيد بما حسنته من سلم العبد لسيده، وعلى قبح الشرك بما قبحته من تشارك الجمع في عبد، وهذا باطل.

السابع: تعليله سبحانه نهيه عن أشياء لكونها فاحشة في نفسها، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣]، فذكر وصف الفحش عند ذكر الحكم وهو الحرمة، فدل على أنه علة له.

وأصرح منه قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣٣ - ٤٣٤)، ومفتاح دار السعادة (٢/ ٣٣٩).
(٢) انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>