الثاني: أن العقاب على المعصية حق له سبحانه، فله أن يسقطه تفضُّلًا منه سبحانه.
الثالث: أنه العفو عن المعصية لا يستلزم التسوية بين العاصي والطائع، لأن درجة الطائع أعلى، ولو قدِّر أن يتساويا في الدرجة بتفضل الله على العاصي فلا يقبح هذا، وإنما يقبح إذا تضمن هضمًا لحق الطائع، وهو ما يتنزه الله عنه.
وفي الختام أنقل كلمة فذَّة لشيخ الإسلام في نفي الإيجاب على الله سبحانه، يقول ﵀:"وأما الإيجاب عليه ﷾ والتحريم بالقياس على خلقه؛ فهذا قول القدرية، وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء ومليكه، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئًا، ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب، قال: إنه كتب على نفسه وحرم على نفسه، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئًا، كما يكون للمخلوق على المخلوق؛ فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير، فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح، ومن توهم من القدرية والمعتزلة ونحوهم أنهم يستحقون عليه من جنس ما يستحقه الأجير على من استأجره؛ فهو جاهل في ذلك"(١).
وأما الماتريدية؛ فقد ذهبوا إلى إثبات الحسن والقبح العقليين، وأن العقل قد يستقل بإدراك الحسن والقبح الذاتيين أو لصفة، فيدرك القبح المناسب لترتب حكم الله سبحانه بالمنع من الفعل على وجه ينتهض مع الإتيان به سببًا