للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما مخالفتهم الأولى فمردودة من وجهين:

الأول: ما تقدم من أدلة في إثبات الحسن والقبح العقليين، ومن ذلك:

- إخباره سبحانه عن أعمال الكفار بما يقتضي أنها سيئة قبيحة مذمومة قبل مجيء الرسول إليهم.

- أمره سبحانه المشركين بالتوبة والاستغفار مما هم عليه (١).

فهذان النوعان من الأدلة يدلان على أن العقل يدرك مقتضى ما أدركه من الحسن والقبح على وجه الإجمال، فالعقل يدرك أن الشرك بالله قبيح ويدرك كذلك حكم هذا القبيح أنه ممنوع حرام.

الثاني: ما تقدم من أدلة على أن الذم والعقاب متوقف على بلوغ حجة الله سبحانه للعباد.

كقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].

وقوله تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥].

وحديث الأسود بن سريع (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: ٤٧].

فبين سبحانه أن ما قدمته أيديهم من الكفر والذنوب سبب لإصابتهم بالمصيبة، وبين أن ذلك مشروط بقيام الحجة، فالمعصية سبب والحجة شرط.


(١) انظر ما تقدم ص (٧٧٠ - ٧٧١).
(٢) انظر ما تقدم ص (٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>