نزل فَاخْتَضَبَ وَتَهَيَّأَ وَذَاكَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، ثُمَّ رَاحَ- مُعْتَمًّا قَدْ أَلْقَى عَذَبَةَ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ دَارِ الْإِمَارَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْحَجَّاجُ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، فَجَمَعَ بِهِمْ، ثُمَّ صَعَدَ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَسَكَتَ وَقَدِ اشْرَأَبُّوا إِلَيهِ وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَتَنَاوَلُوا الْحَصَاةَ لِيَقْذِفُوهُ بِهَا وَيُخْرِجُوهُ عَنْهُمْ. قَالَ: وَقَدْ كَانُوا أَحْصَبُوا عَامِلًا قَبْلَهُ فَخَرَجَ عَنْهُمْ. قَالَ:
فَسَكَتَ سَكْتَةً أَبْهَتَهُمْ بِهَا وَأَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا كَلَامَهُ فَكَانَ أَوَّلُ بَدْءِ كَلَامِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ يا أهل الشقاق ويا أهل (١٤٩ أ) النِّفَاقِ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ أَمْرُكُمْ لَيَهُمُّنِي قَبْلَ أَنْ آتِيَكُمْ وَلَكِنْ كُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِي وَأَنْ يَبْتَلِيَنْيِ بِكُمْ، فَأَجَابَ دَعْوَتِي. أَلَا إِنِّي أَسْرَيْتُ الْبَارِحَةَ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَاتَّخَذْتُ هَذَا- وَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِسَيْفِهِ- مَكَانَهُ، فو الله لَأَجُرَّنَّهُ فِيكُمْ جَرَّ الْمَرْأَةِ ذَيْلَهَا وَلَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ. قَالَ يَزِيدُ: حَتَّى رَأَيْتُ الْحَصَا يَتَسَاقَطُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. قَالَ: قُومُوا إِلَى بَيْعَتِكُمْ. فَقَامَتِ الْقَبَائِلُ قَبِيلَةً قَبِيلَةً تُبَايِعُ. فَيَقُولُ:
مَنْ؟ تَقُولُ: بَنُو فُلَانٍ. حَتَّى جَاءَتْهُ قَبِيلَةٌ قَالَ: وَمَنْ؟ قَالُوا: النَّخَعُ.
قَالَ: مِنْكُمْ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: مَا فَعَلْ؟ قَالُوا: أَيُّهَا الْأَمِيرُ شَيْخٌ كَبِيرٌ. قَالَ: لَا بَيْعَةَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تثه حَتَّى تَأْتُونِي بِهِ. قَالَ:
فَأَتَوْهُ بِهِ مَنْعُوشًا فِي سَرِيرٍ حَتَّى وَضَعُوهُ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ. فَقَالَ: أَلَا إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ الدَّارَ غَيْرَ هَذَا. فَدَعَا بِنَطْعٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ. قَالَ:
قَدْ فَرَضْنَا لَكَ فِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا مَاتَ الْحَجَّاجُ فِي بقية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute