خلافة الوليد، تولى [١] يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى الْعِرَاقِ أرَبْعَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا هَلَكَ الْوَلِيدُ، وَوَلِيَ سُلَيْمَانُ، عَزَلَهُ وَوَلَّى يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ الْعِرَاقَ، فَأَشْخَصَهُ إِلَى سُلَيْمَانَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِالْبَلْقَاءِ، فَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ فَمَا أَتَى أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ فِيهِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَدْلَى بِأَنَّ يزيدا قَدْ نَالَ مِنْهُ بِالْعِرَاقِ لَطْمَةً، فَسَأَلَهُ الْقَوَدَ مِنْهُ، فَأَقَادَهُ، فَلَطَمَهُ لَطْمَةً اخْضَرَّتْ [مِنْهَا] عَيْنُهُ، فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَانُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَتْبَعُهُ بمظلمة أدخله عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُسَائِلُهُ عَنْ أُمُورِ النَّاسِ وَعَنْ سِيرَةِ الْحَجَّاجِ وَأَعْمَالِهِ، فَكُلَّمَا أَخْبَرَهُ بِبَعْضِ مَا يكره بقول: وَيْحَكَ يَا يَزِيدُ مَا تَرَى اللَّهَ صَانِعًا بِالْحَجَّاجِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ:
فَسَكَتَ يَزِيدُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ: أَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُهُ ثَالِثًا لِأَبِيكَ وَأَخِيكَ وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ دَخَلَا الْجَنَّةَ فَعَامِلُهُمَا وَالْمُنَفِّذُ لِأَمْرِهِمَا، وَإِنْ دَخَلَا النَّارَ فَمَا سُؤَالُكَ عَنْهُ. قَالَ: قَالَ سليمان: ويحك يا (١٤٩ ب) فُلَانُ اكْتُبْ إِلَى الْيَمَامَةِ أَنْ يَكُفُّوا عَنْ لَعْنِ الْحَجَّاجِ فَلَا يَذْكُرُوهُ بِلَعْنَةِ وَلَا بِصَلَاةٍ.
قَالَ: وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى الْيَمَامَةِ أَلَّا يَذْكُرُوهُ إِلَّا بِلَعْنَةٍ، فَكَانُوا يَفْعَلُونَ.
قَالَ: وَأَذِنَ لَهُ بِالِانْصِرَافِ إِلَى أَهْلِهِ فَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَتَهَيَّأَ للرواح إِلَى الْمَسْجِدِ [فَتَكَّلَمَ] الَّذِينَ يَلُونَهُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا: هَذَا ابْنُ أَبِي مُسْلِمٍ قَدْ صَلَّى وَهُوَ الْآنَ يَأْتِيكُمْ لِلْمُجَالَسَةِ وَالْأُلْفَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ فَقُومُوا إِلَيْهِ فَازْجُرُوهُ عَنْكُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمْ فَإِنَّهُ إِنْ أَتَاكُمْ فَزَجَرْتُمُوهُ كَانَتْ عَلَيْكُمْ شُهْرَةً وَأُحْدُوثَةً. قَالَ: فَقَامُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمْ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَتَوْهُ لِيُسَلِّمُوا وَرَحَّبَ بِهِمْ، فَقَالُوا: يَا هَذَا إِلَيْكَ عَنَّا كُنْتَ تُجَالِسُنَا وَقَدْ فَعَلْتَ بِالْعِرَاقِ وَفَعَلْتَ فَلَا تُجَالِسْنَا وَلَا تَقْرَبْنَا. قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فَحَرَّكَهَا وَقَالَ: فعلت وفعلت، أم
[١] في الأصل «بن» بدل «تولى» وهو خطأ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute