للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ: ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَجُلٍ مِنْ قِبَلِكَ عَلَّامَةٍ. قَالَ: فَدَعَانِي الْحَجَّاجُ فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ، فَقَدِمْتُ الشَّامَ زَمَنَ حَجِّ عَبْدِ الْمَلِكِ وَاسْتَخْلَفَ أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ:

أَنْتَ الشَّعْبِيُّ؟ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بِكَ وَأَنَا مِنَ الْغِلْمَانِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ ألقاك. قال: فكنت أَدْخُلُ عَلَيْهِ أَنَا وَمُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فكان يقول: حدثنا يا شعبي فو الله مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ إِلَّا قَدْ أَخَذْنَاهُ إِلَّا حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْأَخْطَلُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَقْبَلَ يُنْشِدُهُ مَا قَالَ فِيهِمْ من الشعر. قال: فالتفت إِلَى مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: قَاتَلَ اللَّهُ النَّابِغَةَ حِينَ يَقُولُ:

هَذَا غُلَامٌ حَسَنٌ وَجْهُهُ ... مُسْتَقْبِلُ الْخَيْرَ سَرِيعُ التِّمَامْ

فَالْحَارِثُ الْأَكْبَرُ والحارث ... الأصغر وَالْحَارِثُ خَيْرُ الْأَنَامْ [١]

ثُمَّ لِهِنْدٍ وَلِهِنْدٍ وَقَدْ ... أَسْرَعَ فِي الْخَيْرَاتِ مِنْهُمْ [٢] إِمَامْ

سِتَّةُ آبَاءٍ لَهُمْ [٣] مَا هُمُ ... هُمُ خَيْرُ مَنْ يَشْرَبُ سرب [٤] الْغَمَامْ

فَالْتَفَتَ إِلَيَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ فَقَالَ: كَيْفَ؟ فَأَنْشَدْتُهُ، فَقَالَ: يَا أَخْطَلُ لِمَ لَا تَقُولُ مِثْلَ هَذَا. فَقَالَ الْأَخْطَلُ: أَعُوذُ باللَّه مِنْ شِرْكٍ يَا شَعْبِيُّ، وَاللَّهِ مَا تَعَوَّذْتُ مِنْ شرك اليوم حتى أتيت البيعة أتقرب.


[١] في ديوان النابغة ١٢٥.
للحارث الأصغر والحارث ... الأعرج والحارث خير الأنام
[٢] في الديوان «منه» .
[٣] في الديوان «آبائهم» بدل «آباء لهم» .
[٤] في الديوان «صرب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>