للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنت فاطمة بت علي لأسلم عليها، فدخلت عليها الدار فإذا عندها جماعة عظيمة وإذا هي جالسة مسفرة، وإذا امرأة ليست بالحليلة ولم تطعن بالسن، فاحتملتني الحمية والعفة لها، فقلت: سبحانك الله قدرك قدرك وموضعك موضعك وأنت تجلسين للناس كما أرى مسفرة [؟] فقالت: ان لي قصة. قال قلت: وما تلك القصة؟ فقالت: لما كان أيام الحرة ووفد أهل الشام المدينة وفعلوا فيها ما فعلوا، وكان لي يومئذ ابن قد ناهز الاحتلام. قالت: فلم أشعر به يوما وأنا جالسة في منزلي الا وهو يسعى وبسر بن أبي أرطاة خلفه حتى دخل عليّ، فألقى نفسه عليّ وهو يبكي يكاد البكاء أن يفلق كبده، فقال لي بسر: ادفعيه الى فانا خير له. قالت: فقلت له: اذهب مع عمك. قالت: فقال: لا والله لا أذهب معه يا أمه، هو والله قاتلي. قالت: فقلت: أترى عمك يقتلك؟ لا. اذهب معه. قالت قال: لا والله يا أمه لا أذهب معه، هو والله قاتلي. قالت: وهو يبكي يكاد البكاء أن يفلق كبده.

قالت: فلم أزل أترفق به وأسكنه حتى سكن. قالت: ثم قال لي بسر:

ادفعيه لي فأنا خير له. قالت: فقلت: اذهب مع عمك. قالت: فقام فذهب معه. قالت: فلما خرج من باب الدار قال للغلام: امشي بين يدي قالت: فإذا بسر قد اشتمل على السيف فيما بينه وبين ثيابه. قالت: فلما ظهر الى السكة رفع بسر ثيابه عن عاتقه وشهر عليه السيف من خلفه ثم علاه به من خلفه فلم يزل يضربه به حتى برد. قالت: فجاءتني الصيحة أدركي ابنك فقد قطع. قالت: فقمت أتعثر في ثيابي ما معي عقلي. قالت: فإذا جماعة قد أطافوا به فإذا هو قتيل قد قطع. قالت:

فألقيت نفسي عليه وأمرت به فحمل. قالت: فجعل على نفسي من يومئذ للَّه أن لا أستتر من أحد لان بسرا هو أول من هتك ستري وأخرجني للناس، فاللَّه حسيبه [١] .


[١] ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق ١٠/ ١٣- ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>