للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قد أضعت. وان ألحقت الآخر بالأول فما أخلقك ان تهلك بشهادتهما عليك. ان الّذي بقي من العمر لا ثمن له ولا عدل، فلو جمعت الدنيا كلها ما عدلت يوما بقي من عمر صاحبه، فلا تبع اليوم ولا تعد له من الدنيا بغير ثمنه، ولا يكونن المقبور أعظم تعظيما لما في يديك منك وهو لك، فلعمري لو أن مدفونا في قبره قيل له هذه الدنيا أولها الى آخرها تجعلها لولدك من بعدك يتنعمون فيها من ورائك فقد كنت وليس لك هم غيرهم أحب إليك أم يوم تترك فيه وتعمل لنفسك لاختار ذلك، وما كان ليجمع مع اليوم شيئا الا اختار اليوم عليه رغبة فيه وتعظيما له، بل لو اقتصر على ساعة خيرها وما بين أضعاف ما وصفت لك وأضعافه [يكون لسواه الا اختار الساعة لنفسه على أضعاف ذلك يكون لغيره بل لو اقتصر على كلمة يقولها تكتب له وبين ما وصفت لك وأضعافه] لاختار الكلمة الواحدة عليه، فانتقد اليوم لنفسك وأبصر الساعة وأعظم الكلمة واحذر الحسرة عند نزول السكرة، ولا تأمن ان تكون لهذا الكلام حجة نفعنا الله وإياك بالموعظة، ورزقنا وإياك خير العواقب والسلام عليك ورحمة الله وبركاته [١] .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري قال: أنبأنا محمد بن الحسين بن الفضل قال: أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: أنبأنا يعقوب بن سفيان قال: أنبأنا عبد الله بن عثمان قال: أنبأنا عون بن مَعْمَرٍ قَالَ: كَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عبد العزيز: «أما بعد فكأنّ آخر من كتب عليه الموت قد مات» . فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «أَمَّا بَعْدُ فَكَأَنَّكَ بِالدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ، وَكَأَنَّكَ بِالْآخِرَةِ لم تزل،


[١] أبو نعيم: حلية الأولياء ٢/ ١٣٤- ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>