للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَالَ: سَلُوا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّهُ قَدْ جَالَسَ الصَّالِحِينَ» [١] .

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أبي زكير قال: أخبرنا ابن وهب قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فَجَلَسَ فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ لَهُ الرجل: وددت أنك لم تتعنّ.

فقال: اني كرهت أَنْ أُحَدِّثَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ. قَالَ: وَكَانَ سَعِيدٌ لَا يُبَالِي مَنْ خَالَفَهُ فِي النَّاسِ لِعِلْمِهِ.

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ جَمِيلٍ الْأَيْلِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِي لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ حِينَ قَدِمَ لِلْبَيْعَةِ لِلْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ الْمَدِينَةَ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِمَا: إِنِّي مُشِيرٌ عَلَيْكَ بِخِصَالٍ ثَلَاثٍ.

قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ [قَالَ] [٢] : يُغَيَّرُ لَكَ مَقَامُكَ فَإِنَّكَ تَقُومُ حَيْثُ يَرَاكَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَتْرُكَ مَقَامًا أَقُومُهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ:

أَوْ تَخْرُجُ مُعْتَمِرًا. قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُنْفِقَ مَالِي وَأُجْهِدُ بَدَنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ نِيَّةٌ. قَالَ: فَمَا الثالثة؟ فقال: تبايع. قال: أرأيت إِنْ كَانَ اللَّهُ أَعْمَى قَلْبَكَ كَمَا أَعْمَى بَصَرَكَ فَمَا عَلَيَّ. قَالَ: وَكَانَ أَعْمَى. قَالَ رَجَاءٌ: فَدَعَاهُ هِشَامٌ إِلَى الْبَيْعَةِ فَأَبَى، فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الملك:

مالك وَلِسَعِيدٍ، مَا كَانَ عَلَيْنَا مِنْهُ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ، فأما إذا فعلت فأضربه ثَلَاثِينَ سَوْطًا وَأَلْبَسَهُ ثِيَابًا مِنْ شَعْرٍ وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ. فَدَعَاهُ هِشَامٌ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ لِاثْنَيْنِ. فَضَرَبَهُ ثَلَاثِينَ سَوْطًا وَأَلْبَسَهُ ثِيَابًا مِنْ شَعْرٍ وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ. قَالَ رَجَاءٌ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ الْأَيْلِيِّينَ الَّذِينَ كانوا


[١] الخطيب: الفقيه والمتفقه ١/ ١٧٠ لكنه يذكر «نا» بدل «حدثنا» ، وأورد هذه الرواية أيضا ابن سعد ٥/ ١٠٤.
[٢] الزيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>