للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مُزَاحِمٌ فَقَالَ: لَقَدِ احْتَاجَ أَهْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نَفَقَةٍ وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ آخُذُهَا ولا أدري ممن أسفلها. قَالَ: قُلْتُ لَوْلَا قِلَّةُ مَا عِنْدِي لَعَرَضْتُهُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَكَمْ عِنْدَكَ؟ قُلْتُ: خَمْسَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ فِي خَمْسَةِ دَنَانِيرَ لَبَلَاغًا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ أَتَاهُ رِجَالٌ مِنْ أَرْضِ عُمَرَ بِالتَّمْرِ. قَالَ: فَمَرَّ عَلَيَّ مُزَاحِمٌ مَسْرُورًا، قَالَ:

جَاءَنَا مَالٌ مِنْ أَرْضٍ لَنَا نَقْضِيكَ الْآنَ تِلْكَ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ. قَالَ: دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ أَعْظَمَ اللَّهُ أجر أمير المؤمنين أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَعْظَمَ اللَّهُ أجر أمير المؤمنين قال: قلنا: أجل فأعظم اللَّهُ أَجْرَهُ وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَمَرَ بِهَذَا الْمَالِ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَرْضِهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْمَالِ. فَلَا أَدْرِي كَيْفَ تَحَيَّلَ لِي فِي الْخَمْسَةِ حَتَّى قَضَانِي» [١] .

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ وَفِي بَيْتِهِ كَانُونٌ وَعُمَرُ عَلَى كِتَابِهِ، فَجَلَسْتُ أَصْطَلِي عَلَى الْكَانُونِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتَابِهِ مَشَى إِلَيَّ عُمَرُ حَتَّى جَلَسَ مَعِي عَلَى الكانون- وهو خليفة- فقال: زياد بْنُ أَبِي زِيَادٍ. قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: قُصَّ عَلَيَّ. قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَنَا بِقَاصٍّ. قَالَ: فَتَكَلَّمْ. قُلْتُ:

زياد. قال: وما له؟ قُلْتُ: لَا يَنْفَعُهُ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ غَدًا إِذَا دَخَلَ النَّارَ، وَلَا يَضُرُّهُ مَنْ دَخَلَ غَدًا النَّارَ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ. قَالَ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ مَا يَنْفَعُكَ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِذَا دَخَلْتَ النَّارَ، وَلَا يَضُرُّكَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ إِذَا أَنْتَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ. قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يَبْكِي حَتَّى طُفِئَ بَعْضُ ذَلِكَ الْجَمْرِ


[١] ابن الجوزي: سيرة عمر بن عبد العزيز ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>