للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِسَلْقٍ وَأَقْرَاصٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ وَغَطَّى وَجْهَهُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: عَبْدٌ بَطِيءٌ بَطِينٌ يَتَبَاطَأُ وَيَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ مَنَازِلَ الصَّالِحِينَ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن رمح حدثني الليث بن سعد أنه بَلَغَهُ: أَنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا رَأَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ اشْتَدَّ وَجَعُهُ وَظُنَّ أَنَّهُ مَيِّتٌ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ تَرَكْتَ بَنِيكَ عَالَةً لَا شَيْءَ لَهُمْ وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ، فَلَوْ أَوْصَيْتَ بِهِمْ إِلَيَّ وَإِلَى ضُرَبَائِي مِنْ قَوْمِي فَكَفَوْكَ مَئُونَتَهُمْ؟ فَقَالَ:

أَجْلِسُونِي، فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ: مَا ذَكَرْتَ مِنْ فَاقَةِ وَلَدِي وحاجتهم فو الله مَا مَنَعْتُهُمْ حَقًّا هُوَ لَهُمْ، وَمَا كُنْتُ لِأُعْطِيَهُمْ حَقَّ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ اسْتِخْلَافِكَ وَنُظَرَائِكَ عَلَيْهِمْ لِيَكْفُونِي مَئُونَتَهُمْ فَإِنَّ خَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ٧: ١٩٦ [١] ادعهم لي. قال: فَدَعَوْتُهُمْ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ، فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: بأيّ نفس تركتهم عالة [٢] ، وانما هم أَحَدُ رَجُلَيْنٍ، إِمَّا رَجُلٌ يَتَّقِي اللَّهَ وَيُرَاقِبُهُ فَسَيَرْزُقُهُ اللَّهُ، وَإِمَّا رَجُلٌ وَقَعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ قَوَّيْتُهُ عَلَى خِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ، وَقَدْ تَرَكْتُهُمْ بِخَيْرٍ لَنْ يَلْقَوْا أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَهْلَ الذِّمَّةِ إِلَّا سَيَرَى لَكُمْ حَقًّا انْصَرِفُوا عَصَمَكُمُ اللَّهُ وَأَحْسَنَ الْخِلَافَةَ عَلَيْكُمْ [٣]- رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَى عُمَرَ-.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أَنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: مَنْ تُوَصِّي بِأَهْلِكَ؟ قَالَ: إذا نسيت الله فذكرني.


[١] الأعراف آية ١٩٦.
[٢] في ابن عبد الحكم: سيرة عمر ص ١١٥ «بنفسي فتنة تركتهم عالة» وفي ابن كثير: البداية والنهاية ٩/ ٢١٤ «بنفسي الفتية» .
[٣] أوردها ابن عبد الحكم: سيرة عمر ص ١١٥- ١١٦ بألفاظ مقاربة، وابن كثير: البداية والنهاية ٩/ ٢١٠ بألفاظ مقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>