للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَعَادَ فَقَالَ: مَنْ تُوَصِّي بِأَهْلِكَ؟ فَقَالَ: ان وليّ فِيهِمُ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [١] .

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عبد الله قال: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِمُزَاحِمٍ مَوْلَاهُ- وَكَانَ فَاضِلًا- قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ- يَعْنِي أَهْلَهُ- أَقْطَعُونِي مَا لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ آخُذَهُ، وَلَا لَهُمْ أَنْ يُعْطُونِي، وَإِنِّي قَدْ هَمَمْتُ بِرَدِّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا. قَالَ: فَقَالَ مُزَاحِمٌ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِوَلَدِكَ؟ قَالَ:

فَخَرَّتْ دُمُوعُهُ عَلَى وَجْنَتَيْهِ. قَالَ فَجَعَلَ يَمْسَحُهَا بِإِصْبَعِهِ الْوُسْطَى وَيَقُولُ:

أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَيُعْرَفُ أَنَّهُ كَانَ يَجِدُ بِوَلَدِهِ مَا يَجِدُ الْقَوْمُ بِأَوْلَادِهِمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَكَأَنَّ مُزَاحِمَ مَعَ فَضْلِهِ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِهِ، فَخَرَجَ مُزَاحِمٌ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ هَمَّ بِأَمْرٍ لَهُوَ أَضَرُّ عَلَيْكَ وَعَلَى وَلَدِ أَبِيكَ مِنْ كَذَا وَكَذَا إِنَّهُ قَدْ هَمَّ بِرَدِّ الْبَسِيطَةَ- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالْيَمَامَةِ وَهِيَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ [٢] : وَكَانَ عَيْشُ وَلَدِهِ مِنْهَا- قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ أَنْتَ. قَالَ: ثُمَّ قَامَ لِيَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ وَقَدْ تَبَوَّأَ مَقِيلَهُ.

قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْبَوَّابُ إِنَّهُ قَدْ تَبَوَّأَ مَقِيلَهُ. قَالَ: مَا مِنْهُ بُدٌّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَلَا تَرْحَمُوهُ إِنَّمَا هِيَ سَاعَتُهُ. قَالَ: فَسَمِعَ عُمَرُ صَوْتَهُ فَقَالَ: أَعَبْدَ الْمَلِكِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ادْخُلْ. قَالَ: فَدَخَلَ. قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: إِنَّ مُزَاحِمًا أَخْبَرَنِي بِكَذَا وَكَذَا وَقَالَ: فَمَا رَأْيُكَ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقُومَ بِهِ الْعَشِيَّةَ. قَالَ: أَرَى أَنْ تُعَجِّلَهُ فَمَا يَأْمَنُكَ أَنْ يَحْدُثَ بِكَ حَدَثٌ أَوْ يَحْدُثَ بِقَلْبِكَ حَدَثٌ. قَالَ فَرَفَعَ يديه فقال: الحمد للَّه الّذي


[١] أوردها ابن سعد ٥/ ٢٩٩.
[٢] عبد الله بن عثمان هو القائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>