(٢) قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية: ١١/ ٣٧١): ((وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنْ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ خَشِيَ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي يَضَعُهَا النَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا، وَأَنَّهُمْ يَتَّكِلُونَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ أَحَادِيثِ الرُّخَصِ، أَوْ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَكْثَرَ مِنَ الحَدِيثِ رُبَّمَا وَقَعَ فِي أَحَادِيثِهِ بَعْضُ الغَلَطِ أَوِ الخَطَأِ فَيَحْمِلُهَا النَّاسُ عَنْهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ أَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ مُسَدَّدٌ: ثَنَا خَالِدٌ الطَّحَّانُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ((بَلَغَ عُمَرَ حَدِيثِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: كُنْتَ مَعَنَا يَوْمَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ فُلَانٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ لِمَ سَأَلَتْنِي عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَلِمَ سَأَلْتُكَ؟ قُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَئِذٍ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)). قَالَ: إِمَّا لَى فَاذْهَبْ فَحَدِّثْ)).قال ابن الأثير في (النهاية - (إما لا)): وَأَصْلُهَا إنْ وَمَا وَلاَ، فأدْغِمَت النُّونُ فِي الْمِيمِ، وَما زَائِدَةٌ فِي اللَّفْظِ لَا حُكْم لَهَا. وَقَدْ أمَالَت الْعَرَبُ لاَ إمَالَةً خَفِيفَةً، وَالْعَوَامُّ يُشْبِعُون إمَالتَها فتصِير ألِفُها يَاءً وَهُوَ خَطَأٌ. وَمَعْنَاهَا: إن لم تفعل هذا فَلْيَكُن هذا.وقال الحافظ الذهبي في (السير: ٢/ ٦٠١ - ٦٠٢): ((هَكَذَا هُوَ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُوْلُ: أَقِلُّوا الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَزَجَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ بَثِّ الحَدِيثِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِعُمَرَ وَلِغَيْرِهِ، فَبِاللهِ عَلَيْكَ إِذَا كَانَ الإِكْثَارُ مِنَ الحَدِيثِ فِي دَوْلَةِ عُمَرَ كَانُوا يُمْنَعُونَ مِنْهُ مَعَ صِدْقِهِمْ، وَعَدَالَتِهِمْ، وَعَدَمِ الأَسَانِيدِ، بَلْ هُوَ غَضٌّ لَمْ يُشَبْ، فَمَا ظَنُّكَ بِالإِكْثَارِ مِنْ رِوَايَةِ الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيرِ فِي زَمَانِنَا، مَعَ طُولِ الأَسَانِيدِ، وَكَثْرَةِ الوَهْمِ وَالغَلَطِ، فَبِالحَرِيِّ أَنْ نَزْجُرَ القَوْمَ عَنْهُ، فَيَا لَيْتَهُمْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى رِوَايَةِ الغَرِيبِ وَالضَعِيفِ، بَلْ يَرْوُونَ - وَاللهِ - المَوضُوعَاتِ، وَالأَبَاطِيلَ، وَالمُسْتَحِيلَ فِي الأُصُولِ وَالفُرُوعِ وَالمَلاَحِمِ وَالزُّهْدِ - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ -)). =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute