قَالَ: والشِّنْشِنَة قد تكون كالمُضغة، أَو الْقِطعَةِ تُقطَعُ من اللَّحْم. وَقَالَ غير وَاحِد: بل الشنشنة مثل الطبيعة والسَّجِيّة. فَأَرَادَ عمر إِنِّي أعرف فِيك مَشابِه من أَبِيك فِي رَايه وعقله، وَيُقَال: إِنَّه لم يكن لقرشي مثل رَاي الْعَبَّاس رَحمَه الله. وَأَخْبرنِي ابْن الْكَلْبِيّ أَن هَذَا الشّعْر لأبي أخزم الطَّائِي وَهُوَ جد أبي حَاتِم الطائي أَو جد جده، وَكَانَ لَهُ ابْن يُقَال لَهُ: (أخزم)، فَمَاتَ أخزم وَترك بَنِينَ، فَوَثَبُوا يَوْمًا على جدهم أبي أخزم فأدموه، فَقَالَ: إنّ بَنِيّ رمّلوني بالدمِ ... شِنْشِنَةٌ أعرفهَا من أخزم يَعْنِي أَن هَؤُلَاءِ أشبهوا أباهم فِي طَبِيعَته وخلقه وَأَحْسبهُ كَانَ بِهِ عاقاً. وَقد يكون الْمَعْنى الآخر كَأَنَّهُ جعلهم قِطْعَة مِنْهُ أَي أَنهم بضعَة. وَقد تمثل أَيْضاً بِهَذَا الشّعْر عقيل بن عُلَّفَة المري فِي بعض وَلَده، وَإِنَّمَا تمثل بِهِ عمر تمثلاً). ويظهر لي والله تعالى أعلم، أنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يُرد بقوله هذا المشابهة في الرأي والعقل، وإن كان العباس وابنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - من أهل الرأي والعقل والدين، لكنه أراد المشابهة في الحرص على المال، فإنَّ العباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كسائر بني آدم - كان معروفاً بالحرص على المال، ففي حديث أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الذي رواه البخاري (٤٢١) أنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتي بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَقَالَ: ((انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ))، وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ جَاءَ فَجَلَسَ =