للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحركت الأطلاب، والتحم القتال، واشتد الأمر، وذلك بأرض قرية تسمى اللوبيا، وضاق الخناق بالقوم هذا وهم سائرون كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. وقد أيقنوا بالويل والثبور. وأحست أنفسهم أنهم في غد زوّار القبور. ولم يزل الحرب يلتحم. والفارس مع قرنه يصطدم. حتى لم يبق إلاّ الظفر. ووقع الوبال على من كفر. فحال بينهما الليل وظلامه، وجرى في ذلك اليوم من الوقائع العظيمة، والأمور الجسيمة، ما لم يحك عمّن تقدم، وبات كل فريق في سلاحه ينتظر خصمه في كل ساعة وقد أقعده التعب عن النهوض. وشغله النصب عن الحبو فضلا عن الركوض. حتى كان صباح السبت الذي بورك فيه فطلب كل من الفريقين مقامه، وعلمت كل طائفة أن المكسورة بينهما مدحورة الجنس معدومة النفس. وتحقق المسلمون أن من ورائهم الأردن، ومن بين أيديهم بلاد القوم وأن لا ينجيهم إلاّ الله تعالى، وكان الله قدّر نصر المؤمنين ويسّره. وأجراه على وفق ما قدّره. فحملت الأطلاب الإسلامية من الجوانب وحمل القلب وصاحوا صيحة الرجل الواحد، فألقى الله الرعب في قلوب الكافرين. وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين. وكان القومص ذكي القوم وأطغاهم، فرأى أمارات الخذلان قد نزلت بأهل دينه ولم يشغله ظن محاسنة حبسه عن تعبية، فهرب في أوائل الأمر قبل اشتداده وأخذ طريقه نحو صور، وتبعه جماعة من المسلمين، فنجا وحده. وأمن الإسلام كيده واحتاط أهل الإسلام بأهل الكفر والطغيان

<<  <   >  >>