أخبر بوصول صاحب صيدا من جانب المركيس صاحب صور وكان قد جرى بيننا وبينه أحاديث مترددة حاصلها أنهم ينقطعون عن الإفرنج ونصرتهم ويصيرون معنا عليهم بناء على فتنة كانت جرت للمركيس مع الملوك بسبب امرأة تزوجها كانت زوجة لأخي الملك جفري وقبح نكاحها بأمر اقتضاه دينهم فاضطربت آراؤهم فيه فخاف المركيس على نفسه فأخذ زوجته وهرب تحت الليل إلى صور وأخلد إلى السلطان والاعتضاد به وكان في ذلك مصلحة للمسلمين لانقطاع المركيس عن الإفرنج فإنه كان أشدهم بأساً. وأعظمهم للحرب مراساً. وأثبتهم في التدبير أساساً. وحين اتصل خبر وصول هذا الرسول بالسلطان أمر بإجلاله واحترامه فضربت خيمة وضرب حولها شقة ووضع فيها من الطرح والفرش ما يليق بعظمائهم وملوكهم وأمر بإنزاله في الثقل يستريح ثم يجتمع به.
[ذكر واقعة الكمين الذي استشهد فيه إياس المهراني]
ولما كان سادس عشر شوال أمر السلطان الحلقة أن كمنت للعدو في بطون أودية هناك واستصحبوا جماعة من العرب فلما استقر الكمين في موضعه ظهرت العرب على جاري عادتها في مناوشتها العدو وكان العدو تخرج منه جماعة للاحتشاش والاحتطاب قريباً من مخيمة تضرب العرب وتضرب العرب عليهم فضربوا عليهم ووقع الحرب وثار الصياح وسمع العدو فركب منهم جمع من الخيالة وطلبوا جهة العرب