ثم تواترت الأخبار بوصول ملك الألمان إلى بلاد قليج أرسلان وأنه نهض للقائه جمع عظيم من التركمان وقصدوا منعه من عبور النهر وأنه أعجزهم لكثرة خلقه وعدم مقدم لهم يجمع كلمتهم وكان قليج أرسلان أظهر شقاقه وهو في الباطن قد أضمر وفاقه ثم لما عبر إلى البلاد أظهر ما كان أضمر ووافقه وأعطاه رهائن منه على أن ينفذ معه من يوصله إلى بلاد ابن لاون وأنفذ معه أدلاء. وعراهم في الطريق جوع عظيم حتى ألقوا بعض أقمشتهم، ولقد بلغنا والله أعلم أنهم جمعوا عدداً كثيرة من زرديات وخوذ وآلات سلاح عجزوا عن حملها وجعلوها سدراً واحداً وأضرموا فيها النار لتتلف ولا ينتفع بها أحد وأنها بقيت بعد ذلك تلاً من حديد وساروا على ذلك الحال حتى أتوا إلى بلد يقال لها طرسوس فأقاموا على نهر ليعبر. وأما ملكهم فعن له أن يسبح فيه وكان ماؤه شديد البرد وكان ذلك عقيب ما ناله من التعب والنصب والمشقة والخوف وأنه عرض له بسبب ذلك مرض عظيم اشتد به إلى أن قتله، ولما رأى ما حل به أوصى إلى ابنه الذي كان في صحبته ولما مات أجمعوا رأيهم إلى أن سلقوه في خل وجمعوا عظامه في كيس على أن يحملوه إلى القدس الشريف حرسه الله ويدفنوه في القدس وترتب ابنه مكانه على خلف من أصحابه فإن ولده الأكبر كان قد خلفه في بلاده وكان جماعة من أصحابه