وفي هذه السنة سار السلطان من دمشق في ربيع الأول ونزل قريب من طبرية شن الغارات على بلاد الإفرنج مثل بانياس وجبنين والغور فغنم وقتل وعاد إلى دمشق ثم سار من دمشق إلى البلاد الجزرية وعبر الفرات من البيرة فسار معه مظفر الدين بن زين وكان حينئذ صاحب حران وكاتب السلطان ملوك تلك الأطراف واستمالهم فأجابه نور الدين محمد بن قرا أرسلان صاحب حصن كيفا وسار معه ونازل السلطان الرها وحصرها وملكها وسلمها إلى مظفر الدين كوكبوري بن قطب الدين بن ينال حسان المنبجي فسار ينال إلى عز الدين مسعود صاحب الموصل ثم سار صلاح الدين إلى الخابور وملك قرسيسية وماكسين وعربان والخابور واستولى على خابور جصيعة ثم سار إلى نصيبين وحاصرها وملك المدينة ثم ملك القلعة ثم أقطع نصيبين أميراً كان معه يقال له أبو الهيجاء السمين ثم سار عن نصيبين وقصد الموصل وقد استعد صاحبها عز الدين مسعود ومجاهد الدين قيماز للحصار وشحنوها بالرجال والسلاح فحصر الموصل وأقام عليها منجنيقاً فأقاموا عليه من داخل المدينة تسعة مناجيق وضايق الموصل فنزل السلطان محاذاة باب كندة ونزل صاحب حصن كيفا على باب الجسر ونزل تاج الملوك توري أخو صلاح الدين على باب العمادي وجرى القتال بينهم وكان ذلك في شهر رجب فلما رأى أن حصارها يطول رحل عن الموصل إلى سنجار وحاصرها وملكها واستناب بها سعد الدين بن معين الدين من أكابر الأمراء وأحسنهم صورة ومعنى ثم سار السلطان إلى حران وعزل في طريقه عن نصيبين أبا الهيجاء السمين.