خدمته أخر نهار الثلاثاء وعدت إلى الخيم وبات هو وجميع العسكر على تعبية القتال طول الليل وأصر طائفة منهم على مضايقة العدو ثم سار العسكر أواخر ليلة الأربعاء عاشر الشهر إلى تل العياضية قبالة العدو وضربت له عليه خيمة لطيفة ونازل العدو في ذلك اليوم جمع بالقتال الشديد والضرب المبرح المتواتر الذي لا يفتر شغلاً لهم عن الزحف وهو يدور بين الأطلاب ويحثهم على الجهاد ويرغبهم فيه. ولما رأى العدو تلك المنازلة الهائلة خافوا من الهجوم عليهم في خيمهم فرجعوا عن الزحف واشتغلوا بحفظ الخنادق وحراسة الخيم. ولما رأى فتورهم عن الزحف عاد إلى العياضة ورتب على خنادقهم من يخبره بحالهم ساعة فساعة إذا رجعوا إلى الزحف كل ذلك دفعاً للعدو عن مضايقة البلد والزحف عليه.
[ذكر الشروع في مضايقة البلد]
ولقد بلغ من مضايقتهم البلد ومبالغتهم في طم خندقه أنهم كانوا يلقون فيه موتى دوابهم بأسرها وآل الأمر إلى أن كانوا يلقون فيه موتاهم وكانوا إذا جرح منهم أحد جراحة مؤلمة مثخنة ألقوه فيه بهذا جميعه توالت كتب أصحابنا من البلد، وأما أهل البلد فإنهم انقسموا أقساماً: قسم ينزلون