قسمين إما حرّان والرها وسميساط، وإما حماة ومنبج وسلمية والمعرة مع كفالة أخوته، فراجع الملك العادل السلطان مراراً فلم يجبه إلى شيء من ذلك، فكثرت الشفاعة إليه من جميع الأمراء، وهزت شجر رأفة منه، فرجع خلقه النبوي وحلف له على حران والرها وسميساط على أنه إذا عبر الفرات أعطي المواضع أفرجها وتكفل أخوته ويتخلى عن تلك المواضع التي في يده ودخلت تحت ضمان الملك العادل، ثم التمس الملك العادل خط السلطان ثانياً ولج عليه فمزق نسخة اليمين في التاسع والعشرين من ربيع الآخر، وانفصل الحال وانقطع الحديث، وكنت المتردد بينهما في ذلكن وأخذ الغيظ السلطان كيف يخاطب بمثل ذلك من جانب أولاد أولاده.
[ذكر قدوم رسول ملك الروم]
ولما كان مستهل جمادى الأولى وصل رسول من قسطنطينية الكبرى والتقى بالاحترام والإكرام ومثل بالخدمة السلطانية في ثالث الشهر، وكانت رسالته تشتمل على مطالب، منها صليب الصلبوت، ومنها أن تكون القمامة بيد قسوس من جانبه وكذا سائر كنائس القدس، ومنها أن يكون الاتفاق معه على أن يكون عدوّ من عاداه وصديق من صادقه، وأن يوافق على قصد جزيرة قبرص، فأقام عنده يومين، ثم سيّر معه رسولً يقال له ابن البزاز من الديار المصرية، وأجيب بالمنع عن جميع مقترحاته، وقيل إن الصليب قد بذل فيه ملك الكرج مائتي ألف دينار فلم يجب إلى ذلك.