وأما السلطان فإنه لما وقع الصلح على قليج أرسلان صعد إلى الديار المصرية واستخلف ابن أخيه عز الدين فخروشاه واليا، ولما بلغه وفاة الملك الصالح عزم على العود إلى الشام خوفاً على البلاد من الإفرنج، وبلغه أيضاً وفاة فخروشاه فاشتد عزمه. وكان وصوله إلى دمشق في سابع عشر صفر سنة ثمان وسبعين، ثم أنشأ التأهب لغزاة بيروت، فإنه عبر على الإفرنج في عوده من مصر مكابرة من غير صلح، فقصد بيروت ونزلها ولم ينل منها غرضاً، واجتمع الإفرنج فرحّلوه عنها ودخل إلى دمشق، وبلغه أنّ رسل الموصل وصلوا إلى الإفرنج يحثّونهم على قتال المسلمين، فعلم أنهم نكثوا اليمين، وأنشأ العزم على قصدهم لجمع كلمة العساكر الإسلامية على عدوّ الله، فأخذ في التأهب لذلك، فلما بلغ ذلك عماد الدين سير إلى الموصل يشعره بالخبر ويستحث العساكر، وسار السلطان حتى نزل على حلب في ثامن عشر جمادى الأولى من هذه السنة، وأقام ثلاثة أيّام، ورحل في الحادي والعشرين يطلب الغزاة، واستقر الحال بينه وبين مظفّر الدين وكان صاحب حرّان، وكان قد استوحش