وكان قد استأمن من الفرنج خلق عظيم أخرجهم الجوع إلينا وقالوا للسلطان نحن نخوض البحر في براكيس وبطس إلى العدو ويكون الكسب بيننا وبين المسلمين فأذن لهم في ذلك وأعطاهم بركوساً وهو المركب الصغير فركبوا فيه وظفروا بمراكب للتجار من العدو وهي قاصدة إلى عسكرهم وبضائعهم معظمها فضة مصوغة وغير مصوغة فوقع عليها البركوس وقابلوهم حتى أخذوهم واكتسبوا منهم مالاً عظيماً وأسروهم وأحضروهم بين يدي السلطان وذلك في ثالث عشر ذي الحجة من السنة المذكورة ولقد كنت حاضراً ذلك المجلس وكان من جملة ما أحضروه مائدة فضة وعليها مكبة مخرمة من فضة فأعطاهم السلطان الجميع ولم يأخذ منهم شيئاً وفرح المسلمون بنصر الله عليهم بأيديهم.
[ذكر موت ابن ملك الألمان]
وذلك أن العدو لما دخل الشتاء عليهم وتواترت الأنداء واختلفت الأهواء وخم المرج وخماً عظيماً وقع معه موتاً عظيماً وانضم إلى ذلك الغلاء الزائد وانسد عليهم البحر الذي كان يجيئهم منه الميرة من كل جانب وكان يموت منهم كل يوم المائة والمائتان على ما قيل وقيل أكثر من ذلك، ومرض ابن ملك الألمان مرضاً عظيماً وعرض له مع ذلك مرض الجوف