فسألتهم عن ذلك فقالوا أقمنا بمرج وخم أياماً فقلّ زادنا وأحطابنا وأوفدنا معظم عدننا ومات منا خلق عظيم واحتجنا إلى الخيل فذبحناها وأكلناها وأوقدنا الرماح والعدد لإعواز الحطب. وأما الكند الذي وصل إلى أنطاكية في مقدمة العسكر فإنه مات وذكر أن ابن لاون لما أحس منهم بذلك الضعف طمع فيهم حتى أنه عزم على أخذ مال الملك لمرضه وضعفه وقلة جمعه الذي تخلف معه وأن البرنس صاحب أنطاكية لما أحس منهم بذلك أرسل إلى ملك الألمان التقطه إلى أنطاكية طمعاً في أن يموت عنده ويأخذ ماله ولم تزل أخبارهم تتواتر بالضعف والمرض إلى أن وقعت وقعة العادل على طرف البحر.
[ذكر الوقعة العادلية]
ولما كان يوم الأربعاء العشرون من جمادى الآخرة علم عدو الله أن العساكر قد تفرقت وأن الميمنة قد خفت لأن معظم من سافر كان منها يحكم قرب بلادهم من طريق العدو فأجمعوا رأيهم واتفقت كلمتهم على أنهم يخرجون بغتة ويهجمون على طرف الميمنة فجأة وتلاعبت بهم آمالهم فخرجوا ظهيرة النهار وامتدوا ميمنة وميسرة وقلباً وانبثوا في الأرض وكانوا عدداً عظيماً واستخفوا طرف الميمنة وكان فيها مخيم الملك العادل فلما بصر الناس بهم قد خرجوا في تعبية القتال صاح صائحهم وخرجوا من خيامهم كالأسود من آجامها وركب السلطان ونادى مناديه يا للإسلام وركبت الجيوش وطلبت الأطلاب ولقد رأيته رحمه الله قد ركب من خيمته وحوله