وعاد صاحب صيدا والإفرنج الذين كانوا بالشقيف إلى صور ولما رأى السلطان من اهتما الإفرنج من أقطار بلادهم بالمكان وتصويب عزائمهم نحوه اغتنم الشتاء وانقطاع البحر وجعل في عكا من الميرة والذخائر والعدد والرجال ما أمن معه عليها مع تقدير الله تعالى وتقدم إلى النواب بمصر أن عمروا لها أسطولاً عظيماً يحمل خلقاً كثيراً وسار حتى دخل عكا مكابرة للعدو ومراغمة له وأعطى العساكر دستوراً طول الشتاء يستجمعون ويستريحون وأقام هو مع نفر يسير قبالة العدو وقد حال بين العسكرين شدة الوحول وتعذر بذلك وصول بعضهم إلى بعض.
[ظريفة]
كان لما بلغ خبر العدو وقصده عكا جمع الأمراء وأصحاب الرأي بمرج عيون وشاورهم فيما يصنع وكان رأيه أن قال المصلحة مناجزة القوم ومنعهم من النزول إلى البلد وإلا فإن نزلوا جعلوا الرجالة سوراً لهم وحفروا الخنادق وصعب علينا الوصول إليهم وخيف على البلد منهم وكانت إشارة الجماعة أنهم إذا نزلوا واجتمعت العساكر قلعناهم في يوم واحد وكان الأمر كما قال السلطان والله لقد سمعت هذا القول وشاهدت الفعل كما قال السلطان، وهو يوافق معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم