ناهضاً جلداً في البحر وكان رئيس البحريين يقال له عبد المحسن وكان قد أكد عليهم الوصية وأخذ حذرهم وتيقظهم لئلا تنتهز منهم فرصة فخالفوه وغفلوا عن أنفسهم في الليل فخرج أسطول الكفار من صور وكبسوهم وأخذوا المقدمين مع خمسة قطع وقتلوا خلقاً عظيماً من الأسطول الإسلامي وذلك في السابع والعشرين من شوال فلما علم السلطان ما تم على المسلمين ضاق عطنه وكان قد هجم الشتاء وتراكمت الأمطار وامتنع الناس من القتال من شدة المطر فجمع الأمراء واستشارهم فيما يفعل فأشاروا عليه بالرحيل ليأخذ العسكر جزأً من الراحة ويستعدوا لهذا الأمر استعداداً جديداً فرأى ذلك رأياً ورحل عنها بعد أن رمى المنجنيقات وسيرها وأحرق مالا يمكن ثقله وكان رحيله ثاني ذي القعدة من هذه السنة ففرق العساكر وأعطاها دستوراً وسار كل قوم إلى بلادهم وأقام هو مع جماعة من خواصه بعكا حتى دخلت سنة أربع وثمانين.
[ذكر نزوله على كوكب]
ولما دخلت عليه هذه السنة المباركة رأى الاشتغال بالحصون الباقية لهم مما يضعف قلوب من في صور وينهي أمرها به فاشتغل بذلك ونزل على كوكب في أوائل محرم وكان سبب بداءته بكوكب أنه قد جعل حولها جماعة يحفظونها من أن تدخل إليهم قوة فخرج الإفرنج ليلاً وأخذوا غرتهم وكبسوهم