ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وفيها أحضر السلطان ولده الملك الأفضل من مصر واقطعه دمشق، وسببه أن الملك المظفر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان كان نائب عمه بمصر وكان معه الملك الأفضل فأرسل تقي الدين يشتكي من الأفضل إنني لا أتمكن من استخراج الخراج فإنني إذا أحضرت من عليه الخراج وأرادت عقوبته يطلقه الملك الأفضل، فأرسل السلطان خرج ابنه الأفضل من مصر وأقطعه دمشق، وتغير السلطان على تقي الدين في الباطن، فإنه ظن أنه إنما أخرج ولده من مصر ليمتلك مصر إذا مات السلطان، ثم أحضر أخاه الملك العادل من حلب وجعل معه ولده العزيز عثمان ابن السلطان نائباً عنه بمصر واستدعى تقي الدين من مصر. فقيل إنه توقف عن الحضور وقصد اللحاق بمملوكه قراقوش المستولي على بعض بلاد إفريقية وبرقة من المغرب، وبلغ السلطان ذلك فساءه وأرسل يستدعي تقي الدين ويلاطفه فحضر. ولما حضر تقي الدين إلى السلطان زاده على حماة منبج والمعرة وكفر طلب وميافارقين وجبل جور بجميع أعمالها، واستقر العادل والعزيز عثمان في مصر. ولما أخذ السلطان حلب من أخيه العادل أقطعه عوضها حران والرها.
[ذكر وفاة البهلوان وملك أخيه قزل]
وفي هذه السنة في أولها توفي البهلوان محمد بن الدكز صاحب بلد الجبل وهمذان والري وأصفهان وأذربيجان وأرانية وغيرها من البلاد، وكان عادلاً حسن السيرة، وملك البلاد بعده أخوه قزل أرسلان واسمه عثمان وكان السلطان طغريل بن أرسلان بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي مع البهلوان وله خطبة في بلاده وليس له من الأمر شيء، فلما مات للبهلوان خرج طغريل عن حكم قزل وكثر جمعه واستولى على بعض البلاد وجرت بينه وبين قزل حروب.
ذكر غير ذلك من الحوادث
في هذه السنة غدر البرنس صاحب الكرك وأخذ قافلة عظيمة من المسلمين وأسرهم، فأرسل السلطان يطلب منه إطلاقهم بحكم الهدنة التي كانت بينهم على ذلك فلم يفعل فنذر السلطان أنه إن أظفره الله به قتله بيده.